تدين كوموش بصفاتها الروحية وجمالها وثراء عالمها الداخلي لوالدتها، أفتاب آيم، التي جسدت الأحلام النبيلة المتأصلة في المرأة الأوزبكية؛ فهي ذكية، وهادئة، ومتحفظة، وأم محبة، وإنسانة محبة للحقيقة، وربة منزل مثالية. لكنها رغم ذلك ما زالت أسيرة العادات القديمة؛ فهي تلبي رغبات زوجها بإخلاص وتخضع لإرادته وتقدر رأيه.
تعد رواية "الأيام الخوالي" أول رواية واقعية في الأدب الأوزبكي. وهي في الوقت نفسه الرواية الأكثر شعبية، والأكثر بحثًا ودراسة، كما أنها العلامة الأولى في الرواية الأوزبكية. ويتحدث الكاتب طوال الرواية إلى القارئ مباشرة، ويرسم صورًا بديعة، وينقل الحقيقة بكل مرارتها وجمالها.
وبتحليل الرواية تاريخيًا يمكن استكشاف جذور الأحداث، والصراع القديم المستمر بين النور والظلام، والحق والباطل، والحقيقة والكذب. وقد نجح الكاتب في تقديم وصف ثري للتقاليد الشعبية والدينية، والطقوس، والقوانين غير المكتوبة التي كانت سارية في تلك الحقبة. واستطاع من خلال قصة حب عادية التطرق إلى المشكلة الأكثر تعقيدًا؛ وهي الصراع بين الخير والشر.
ويعد الكاتب والشاعر والإعلامي الكبير عبد الله قادري شخصية استثنائية حقًا؛ فقد ترك علامة لا تُمحى في تاريخ الأدب الأوزبكي وتطوره. وليس عبثًا أن يُطلق على عبد الله قادري لقب "مرآة الأمة". فهو يغطي في أعماله بصدق تاريخ تركستان في القرن التاسع عشر، ويعيد إنشاء صور حقيقية للحياة الأوزبكية، ويناقش المشكلات المعاصرة له. وقد لاحظ العلماء اهتمامه بطرح القضية الوطنية، وبالتقاليد الشعبية- بخاصة- حتى أضحت الرواية أشبه بالملحمة الشعبية من القرون الماضية.
لحن يتجاوز المكان والزمان
في بداية المقال أود أن أقدم معلومات مختصرة عن الفترة التاريخية التي عاش وعمل فيها عبد الله قادري.
عندما ولد عبد الله قادري في طشقند عام 1894 ، كانت روسيا القيصرية قد احتلت مملكة كوكان ، وكانت تركستان مستعمرة لمدة 18 عامًا. وسيطرت روسيا خلال هذه الفترة على كامل ثروات المنطقة. خلال هذه الفترة، ركزت على تزويد أسواق تركستان ببضائعها، وأولت أيضًا اهتمامًا خاصًا بقطاع القطن المحلي، الذي كان حيويًا لتوفير المواد الخام لصناعة النسيج.
وكان يرأس الإدارة المحلية موظفون روس، وبقيت المعتقدات الدينية والشريعة والتعليم الإسلامي وأراضي الوقف والملكية الخاصة بعيدة عن أية انتهاكات .
في عام 1917، قام الشيوعيون السوفييت بقيادة لينين بانقلاب في روسيا القيصرية ووصلوا إلى السلطة في 7 نوفمبر. في 20 تشرين الثاني (نوفمبر 1917)، وجهت الحكومة السوفييتية خطابًا إلى الشعوب المسلمة التي تعيش في روسيا قائلة: "… يجب أن تكونوا أسياد أنفسكم في بلدكم. يجب أن تبنوا حياتكم ونمط معيشتكم وفقًا لذلك…"