الأيام الخوالي: قصة حب مريرة وقعت أحداثها في تركستان - страница 22

Шрифт
Интервал


"لا، يا أبي العزيز، ما زلت أعاني من بعض الصداع." وضع قوتيدار يده على جبين ابنته ثم قال: "أوه، كوموش، ما زلت تعانين من الحمى. أنت بحاجة إلى الاعتناء بنفسك، ابنتي، دثري نفسك في لحاف سميك. حتى إذا تعرقت، فسوف تشعرين بتحسن يا عزيزتي". ثم طلب من تويبكة أن تصب الشاي بالحليب الدافئ إلى ابنته كوموش.

أيدت أفتاب ملاحظة زوجها قائلة: "ما زالت تعاني من الحمى. وجهها محمر ومنتفخ". قطعت عائشة بصوت ضعيف واهن حديثهما فجأة قائلة: "خاصة الليلة الماضية، لا يمكنك أن تتخيل كم كدت أموت خوفًا عليها. كانت تهذي بأشياء غريبة من فرط الحمى."

ألقت كوموش نظرة خاطفة على جدتها. قال قوتيدار: "كل هذا بسبب الحمى". "اليوم سوف أستشير طبيبًا. ابنتي الحلوة، من فضلك اشربي بعض الشاي"، ثم ألقى عليها مرة أخرى نظرة فاحصة.

بعد الانتهاء من تناول الشاي والإفطار تلا قوتيدار الفاتحة والورد، وقال لها وهو ينهض للخروج: كوموش، اعلمي أنني قد دعوت اليوم ضيفًا إلى منزلنا"، ثم التفت إلى أفتاب آيم وقال: "أرسلي الخادمًة لترتيب المضيفة، وأعطيها هذه المفارش المزركشة المخيطة حديثًا؛ فلتغطي بها طبلية تقديم الطعام والشراب، ولتزينها. أخرجي السجادة الكبيرة وافرشيها. بالمناسبة، هل توجد لدينا فاكهة كافية بالمنزل؟"

– "نعم"

– " حسنًا. بعد قليل، سأرسل لك اللحم، وحضرا لنا بعض الفطائر".

أدركت أفتاب آيم أنه طالما دار الحديث عن الفطائر المحشوة باللحم، فالضيف لا بد غير عادي.

"من عساه يكون الضيف؟"

"غالبًا لا تعرفينه. فهو شاب من طشقند. وسيكون هناك أيضًا ثلاثة أو أربعة من الرفاق من بلدتنا. هل فهمت ما هو مطلوب منك؟"

"فهمت، فهمت."

لم تولِ كوموش اهتمامًا إلى كلام والدها. وما إن غادر الأب قوتيدار المنزل إلى الدكان، حتى انهمكت أفتاب آيم في تحضير العجين، فيما أرسلت الخادمة تويبكة إلى المضيفة لتجهيزها.

بدت كوموش صامتة. هل كانت تفكر في شيء أو أنها كانت تعاني من اشتداد ألم رأسها. ولكنها جلست هكذا طويلًا مثل زهرة صماء جامدة يصعب اختراقها تتشبث بتلاتها الرقيقة ببعضها في الليل البارد، وهي تأبى الكشف عن أسرارها وعما يجيش في صدرها. حاولت جدتها أن تسري عنها بالقصص والحكايات المضحكة، لكنها بقيت جامدة بالكاد تحرك شفتاها بابتسامة فاترة لا أكثر.

ظلت كوموش على هذه الحالة لساعة تقريبًا قبل أن تنهض أخيرًا، وتضع قدميها الصغيرتين الرقيقتين في حذاء من الجلد اشتراه لها والدها مؤخرًا، وتشق طريقها إلى والدتها، التي كانت منهمكة في تحضير الطعام بالمطبخ.

تجاوزت الفتاه عامها السابع عشر إلى عامها الثامن عشر، وأصبحت تعادل أمها طولًا، بل تفوقها في حجم جسمها بعض الشيء. أخذت تراقب أمها خلال عملها في المطبخ قليلًا ثم عادت إلى الفناء. ومن الشرفة أخذت تراقب الخادمة تويبكة، التي كانت في تلك اللحظة تبسط السجادة في غرفة المضيفة، لكنها سرعان ما استسلمت لأفكارها واقتربت من عمود في وسط الغرفة واتكأت عليه.