الأيام الخوالي: قصة حب مريرة وقعت أحداثها في تركستان - страница 8

Шрифт
Интервал


أجلس أتابك ضيوفه حول طاولة التدفئة>(>6>)، وبعد أن تلا دعاءً قصيرًا توجه بالسؤال إلى حسن علي:

– كيف حالك اليوم، يا والدي؟

فرد حسن علي:

– الحمد لله، أشعر بتحسن قليلًا. يبدو أنني استنشقت بعض الدخان من فحم المدفأة.

– أود أن أطلب منك شيئًا.

– تفضل، يا بني.

– أشكرك يا والدي. هلا أعددت لنا بعض الشاي؟

– بالطبع، سيدي، في الحال.

خرج حسن علي. وبدأ رحمت يسأل أتابك مجددًا عن أحواله وصحته، ثم سأله:

– قل لي، أخي العزيز، من يكون هذا الرجل؟

صمت أتابك هُنيهة، ثم نظر ناحية الباب، وبعد أن تأكد أن الشيخ العجوز قد صار بعيدًا، أجاب:

– هو عبد لدينا.

شيء ما في هذه الكلمات أثار الدهشة والاستغراب لدى حامد: عبدكم؟

– أجل، بالضبط.

عندما كان حسن علي طفلًا صغيرًا، اشتراه جد أتابك مقابل خمس عشرة قطعة ذهبية من رجل تركماني كان يقوم بخطف الأطفال في إيران؛ ليبيعهم فيما بعد عبيدًا. لقد مر ما يقرب من خمسين عامًا منذ أن أصبح حسن علي عبدًا في أسرة أتابك. وخلال هذه المدة أصبح فردًا من أفرادها. وكان مخلصًا ومطيعًا إلى أبعد الحدود لسيده يوسف بِك حاجي وولده أتابك بصفة خاصة، وهو ما جعله ينال ثقتهما واحترامهما له. وعندما بلغ حسن علي عامه الثلاثين زوجوه بجارية لديهم، لكنه لم يرزق بأطفال، وإن حدث ووُلد لهما طفل كان سرعان ما يموت في سن مبكرة. ربما لهذا السبب كرس الشيخ العجوز محبته وتعلقه لأتابك الذي أصبح بمنزلة ابن له. "لعله بعد موتي يقرأ آية من القرآن ترحمًا على روحي، ويذكرني بكلمة طيبة ويقول: في وقت ما كان يعيش في هذه الدنيا رجل طيب يدعى حسن علي وكان يحبني كابنه، وهذا يكفي". هذا ما كان يدور بخاطره، بل إنه طلب ذلك بالفعل من أتابك، وأخذ عليه عهدًا أن يقوم بذلك. هكذا كان الخادم العجوز رجلًا بسيطًا للغاية.

بعد أن انتهى الحديث عن حسن علي، سأل رحمت أتابك:

– ماذا أحضرت معك من طشقند يا أخي؟

– أشياء بسيطة: أقمشة وجلود الأحذية وبعض أواني الطهي.

تدخل حامد في الحوار قائلًا: إن سوق الأقمشة والجلود في مرغلان منتعش للغاية.

مال أتابك ناحية الشمعة وأخذ يقص الأطراف المتفحمة من الفتيلة بواسطة المقراض، وهنا خيم على المكان شعور ملحوظ بالغربة وعدم الارتياح، فقد كان الحوار متقطعًا ولا يدور في الاتجاه المراد له، وكان الصمت الطويل هو الرد الغالب على كل كلمة يقولها أحدهم. بدا أن رحمت كان يحاول الخروج من هذا الموقف المحرج بألا يدع الحوار ينقطع.

– قل لي يا أخي، كيف وجدت مرغلان؟ هل أعجبتك؟

تردد أتابك قليلًا، وشعر بالحرج وهو يرد على سؤال رحمت:

– ماذا عساي أن أقول؟ على الأرجح، لقد لاقت المدينة قبولًا في نفسي. فمرغلان هي المدينة الأولى في تركستان في صناعة النسيج.

أخذ حامد ورحمت ينظران إلى بعضهما مندهشين من هذا الرد المبهم. فبادر أتابك الذي التقط هذه النظرات إلى التوضيح مازحًا: منذ أول يوم لي في مدينتكم مرغلان وهي تثقل عليّ، ذلك أنه لم يكن لدي أصدقاء أو معارف هنا، فكنت أشعر أنني غريب فيها. لكن من الآن فصاعدًا تغيرت الحال تمامًا لأني وجدت فيكما صديقين عزيزين حينما قررتما تشريفي بالزيارة.