– هل زرت منزلنا حقًا؟
– بل نزلت ضيفًا عندكم أكثر من مرة. أجاب قوتيدار، حينها كان جدك لا يزال على قيد الحياة.
في تلك اللحظة تدخل حسن علي الذي كان يجلس على مسافة منهما، ويستمع إلى حديثهما، فقال:
– حينما كان عمك يتردد على منزلنا، كنت لا تزال طفلًا صغيرًا، وقد اعتاد أيضًا أن يأخذك معه إلى الخان.
ابتسم أتابك في حرج ونظر إلى قوتيدار: آسف حقًا، لكن لا يمكنني تذكر ذلك.
كان قوتيدار على وشك أن يقول شيئًا آخر، لكن لم يمهله أكرم حاجي وسأل: وماذا يعمل والدك المبجل الآن؟
– إنه مستشار والي طشقند.
– وهل لا يزال عزيز بك واليًا على طشقند إلى اليوم؟
– أجل، بالضبط.
– أي بك؟ بل قل عزيز الراقص، صاح حامد فجأة وهو ينظر إلى أكرم حاجي ويبتسم ابتسامة ساخرة. منذ وقت قريب كان هذا "العزيز" يرقص أمام الضيوف لتسليتهم في احتفالات مسلمان قل الأعرج.
قال ذلك ثم جال بعينيه في فخر بين الحضور كأنما قال شيئًا غاية في الأهمية لا يعرفه الآخرون. وعلى ما يبدو أن كلمات حامد غير الموزونة قد بدت للحاضرين خالية من اللباقة، فأخذوا ينظرون إلى بعضهم في حالة من الذهول، أعقبها صمت تام لم يكسره سوى سؤال أكرم حاجي:
– هل صحيح ما يقال عن أن الوالي مفرط في الشدة؟
أجاب أتابك: لقد أصبت كبد الحقيقة؛ فلقد سئم الناس من قسوة عزيز بك.
لم يذهل رد أتابك أكرم حاجي فحسب، بل صدم الضيوف الآخرين أيضًا. فلقد بدا الاعتراف باستبداد راعي والده مثيرًا للدهشة والاستغراب بالفعل. لقد اكتسب عزيز بك سمعة بصفته واحدًا من أكثر طغاة خانات تركستان قسوة واستبدادًا، حتى إن قسوته على أهل طشقند قد صارت منذ زمن بعيد حديث الناس في فرغانة>(>9>)، ينسجون حولها الأساطير والحكايات. لكن سؤال أكرم حاجي الموجه لابن أقرب الناس لعزيز بك لم يكن من قبيل الصدفة، بل كان مقصودًا؛ لاختبار أتابك. وما سمعه أكرم حاجي أثار ذهوله أكثر، ولم يفته أن يبدي اهتمامًا لمعرفة السبب وراء موقف أتابك: لكن بما أن والدك مستشار عزيز بك، فلماذا لا يوجه الوالي أحيانًا على الأقل إلى الطريق الصحيح؟
ابتسم أتابك وقال: أستميحك عذرًا، أيها المبجل، فعلى ما يبدو أنه ليس لديك فكرة واضحة بما يكفي عن منصب والدي. إن القيام بدور المستشار عندما يتخذ حكامنا قرارًا ليس مهمة مستحيلة. فعلى الرغم من أن والدي هو مستشار عزيز بك، بالإضافة إلى أنه يعد أقرب المستشارين إليه، فإنه يستمع إلى نصيحة والدي فقط في الأمور التي ليس لها أهمية خاصة. دعني أضرب لك مثالًا حدث مؤخرًا: في أحد ولائم الجمعة الخاصة أخذ أحد الرجال في مدح عزيز بك، وهنا اعترض شخص آخر: "ولماذا تبالغ في مدحه؟ عزيز بك ليس إلا مجرد غلام يرقص أمام أسياده". وصلت هذه الكلمات على الفور إلى مسامع عزيز بك عن طريق مخبر سري كان في مكان قريب. في اليوم التالي، استدعى عزيز بك هذين الرجلين إليه. أما الذي مدحه فقد حصل على منصب رفيع، في حين حكم على الثاني بالإعدام. كان والدي حاضرًا عندما حكم على الرجل بالإعدام، وعندما توجه إلى عزيز بك يسأله أي ذنب اقترفه ذلك الرجل كي يستحق الإعدام، كان رد عزيز بك أن صرخ في وجه السياف يأمره: "أخرجه في الحال". وعندما كرر والدي سؤاله ما كان من عزيز بك إلا أن "مازحه" قائلًا: ربما يريد الحاج أن يفتديه بنفسه؟"