الأيام الخوالي: قصة حب مريرة وقعت أحداثها في تركستان - страница 13

Шрифт
Интервал


– ولماذا لا يتوجه الناس بشكوى مكتوبة إلى الخان؟

– هل تعرف كم عدد الشكاوى التي أرسلت؟ – سأله أتابك. – لقد أرسلنا مع هؤلاء القوم الذين ظلمهم واضطهدهم عزيز بك عشر شكاوى. ما الذي يمكن أن نتوقعه من هذه الشكاوى إذا كان مستشار الخان نفسه يفوق عزيز بك في القسوة والاستبداد؟ ومع ذلك، بدأ عزيز بك في الآونة الأخيرة يتجاهل علنًا الأوامر والمراسيم الصادرة من قوقند>(>10>). إن شكوانا كلها تستند إلى الأمل بأن "يظهر الطاعة لقوقند"، على الرغم من أن قوقند ربما تغض الطرف عنها. مهما كان الأمر، فقد سئم سكان طشقند من قسوة عزيز بك، ولا يعرفون إلى من يلجأون ليمد لهم يد العون.

هكذا بات موقف حاجي يوسف بك وآراؤه واضحة الآن للجميع، وخاصة لأكرم حاجي، ولهذا لم يعد أحد إلى مناقشة هذا الموضوع بعد ذلك، وتحول الحديث إلى شيء آخر.

كانت مأدبة الطعام قد أعدت على قدر كبير من العناية والاحترام للضيف العزيز. ومن وقت لآخر كان ضياء شاهيجي وابنه رحمت يتحدثان مع الحضور ويعرضان عليهم تذوق أطباق جديدة تلهب شهيتهم، ومع هذا لم ينجح ذلك في أن يجعل أتابك يخرج من حالة التأمل العميقة. ترى، فيمَ كان يفكر؟ من الصعب تخمين ذلك. لكن هذا هو ما كان يجذب الانتباه؛ فبينما كان غارقًا في أفكاره كانت عيناه تقع دون قصد على قوتيدار الذي كان يجلس في مواجهته، وإذا حدث أن نظر الأخير في عينيه، كان أتابك يحول ناظريه إلى أطباق الطعام. كانت حالة أتابك غير ملحوظة للضيوف الآخرين ما عدا حامد الذي كان يسترق النظر إليه ويراقبه باهتمام.

– أيها البك، أي المدن زرتها في تجارتك؟ سأله قوتيدار.

– لقد زرت العديد من مدننا، – أجابه أتابك. – حتى إنني زرت مدينة الروس سيماي>(>11>).

– حقًا؟ هل زرت سيماي حقًا؟ – سأله ضياء شاهيجي في دهشة.

– كان ذلك في العام الماضي، لكن رحلتنا تلك تزامنت مع فترة غير مناسبة تمامًا، ولهذا السبب كان علينا تحمل العديد من المصاعب.

– يبدو أنك تاجر حقيقي، – قال قوتيدار بإعجاب، – لقد بلغنا من العمر ما بلغنا ولم نر مدننا الكبيرة، أما أنت فقد وصلت حتى سيماي الروسية.

فقال أكرم حاجي: كما يقولون إن في الحركة بركة.

في تلك الأيام، كان عدد قليل من تجار تركستان يمارسون التجارة في المدن الروسية، ولهذا فإن أتابك، الذي قد زار مدنًا خارجية قد أثار انطباعًا جيدًا لدى الحاضرين وحظي باحترامهم له. كان قوتيدار وضياء شاهيجي قد سمعا حكايات كثيرة عن الروس، وأرادا أن يتبينا حقيقة ذلك من أتابك حول ما رآه في سيماي.

فقال أتابك: قبل ذهابي إلى سيماي كنت أعتقد أن الأنظمة الحكومية جميعها في كل مكان تشبه أنظمتنا، لكن رحلتي إلى سيماي غيرت فكرتي حول هذا الأمر تمامًا، حتى إنني الآن أصبحت أرى الأشياء كلها من منظور مختلف. عليّ أن أعترف أن مبادئ أنظمتنا وأسسها مقارنة بالأنظمة الإدارية لدى الروس تبدو بائسة للغاية. لا أستطيع أن أتخيل كيف سيكون حالنا إذا استمرت حالة الفوضى والارتباك الحالية في مؤسساتنا. عندما كنت في سيماي تمنيت لو أن لي أجنحة أطير بها إلى بلادي، وأهبط مباشرة إلى قصر الخان وأحكي له بالتفصيل عن الإجراءات التشريعية كلها للحكومة الروسية. كم حلمت بأن الخان يستمع إلي ويستجيب لطلباتي، ويصدر مرسومًا بأن نسترشد بكل صرامة بالنظام المتبع لدى الروس، ومن ثم سيصير شعبنا في غضون شهر واحد على مستوى الروس نفسه، ولكن، للأسف، عندما عدت إلى دياري تيقنت أن أفكاري وتطلعاتي تلك ليست سوى أحلام سعيدة غير قابلة للتحقيق. فلا أحد يريد أن يستمع إلي، حتى إن كان هناك من يستمع، فسيغرقني على الفور في اليأس: "هل سيستمع إليك أحد من الخانات؟ وهل سيقوم أحد من الولاة بتنفيذ الأوامر؟" في البداية لم أرغب في الاستماع إلى هذه الكلمات، لكنني أدركت لاحقًا أنهم كانوا على حق. في الواقع، هل يستجيب الموتى إذا نودي "حي على الفلاح"؟