الأيام الخوالي: قصة حب مريرة وقعت أحداثها في تركستان - страница 19

Шрифт
Интервал


رد أتابك منزعجًا ولم تزل علامات الدهشة لا تفارق وجهه: "إنك تتحدث بغرابة شديدة". "ما الإثم الذي ارتكبته ليجعل ثقتي بك تهتز؟ ان هواجسك لا مبرر لها. وسوف أظل دومًا في حاجة إلى وجودك بالقرب مني، وإلى رفقتك الطيبة وإلى نصائحك. وإني على ثقة أنك ستبقى أمينًا على ثروتي وأسراري كما تحافظ الأم على جنينها في رحمها. يجب أن تعلم ذلك جيدًا، يا أبتِ".

"لكن لسانك يقول شيئًا وقلبك يكشف أشياء مغايرة تمامًا يا بني"

قال أتابك، وقد بدأ صبره ينفد من استمرار هذا العتاب المتبادل: "أنت مخطئ يا أبي".

– أنا لست مخطئًا، بل على العكس من ذلك، أنا واثق من أنني على حق.

– إذًا ما دليلك على أن كلماتي تتناقض مع أفكاري وما في قلبي؟

قطب حسن علي حاجبيه بحزن ونظرات ملؤها الشعور بالإهانة: "أنت تحتفظ بسر، تخفيه عني".

– "تقصد أنني أخفي سرًا عنك؟"

رد حسن علي: "نعم، وإذا كان ما تقوله حقًا وصادقًا، وإذا كنتَ تعتقد أنني جدير بثقتك، اكشف لي عن سرك هذا".

تغير وجه أتابك واختفت علامات الغضب وتمالك نفسه وابتسم قائلًا:

– إذًا، أنت تعتقد أن لدي ما أخفيه عنك."

– نعم، لديك سر تخفيه.

– في هذه الحالة، أرجو أن تشاركني اكتشافك هذا وتخبرني بما تعرف.

رفع حسن علي فنجانه وارتشف بعض الشاي ثم بدأ يحكي؛ قال: "منذ وصولنا إلى مرغلان، أصبحت يا سيدي في حالة مزاجية غريبة ومتقلبة. وعلى الرغم من أنك تعلل ذلك بأنه بسبب طقس مرغلان السيئ، فقد عرفت أن الأمر على غير ذلك".

كان أتابك مضطرًا لإبعاد وجهه عن حسن علي، الذي كان يرمقه بنظرة ثاقبة. بدا الأمر كما لو أن هذا الرجل العجوز مكشوف عنه الحجاب؛ يرى كل شيء ويمكنه من خلال النظر إلى تعبيرات وجهه أن يرصد كل ما يخفيه من أفكار ومشاعر مكنونة ويفهمه. ولما شعر السيد بوقع نظرات خادمه، قال وهو يتحسس جبينه: "حسنًا، أكمل."

قال حسن علي بنبرة الواثق في صحة كلامه: "أنت تحاول إخفاء سرك عني، حسنًا، ربما لديك الحق في إخفائه، لكن هل من الممكن الوصول إلى الهدف بهذه الطريقة؟"

احمر وجه أتابك خجلًا، ونظر إلى الأرض، وبدا كما لو كان قد افتضح أمر ارتكابه خطأ فظيع. فيما لمع وجه حسن علي وارتسمت عليه ملامح الاهتمام الأبوي، وقال بصوت عطوف حنون كعادة الشيوخ الكبار في السن، وكأنه يحاول التخفيف عن سيده ومساعدته في التخلص من العبء الذي على كاهله: "لا شيء يدعو إلى الخجل يا بني؛ فالحب هو السعادة الكبرى، وجوهرة القلب التي يحظى بها عدد قليل جدًا من الرجال في حياتهم؛ وفي الوقت نفسه، فهو كثيرًا ما يكون سببًا في الكثير من الشقاء والشرور؛ ولهذا السبب يجب أن تسيطر على روحك، وتظهر قدرًا من الإرادة القوية وتحاول ألا تفكر فيه، وأن تنساه".

بعد سماعه هذه الكلمات رفع أتابك رأسه، ونظر في عيني حسن علي، وتنهد بقوة وأطرق رأسه مرة أخرى وكأنه يريد أن يعترض بشدة على نصيحة حسن علي: "من المستحيل أن أنسى".