الأيام الخوالي: قصة حب مريرة وقعت أحداثها في تركستان - страница 20

Шрифт
Интервал


ساد صمت طويل؛ فقد غرق كل منهما في أفكاره. اعتاد حسن علي وضع طرف لحيته في فمه عندما يمعن في التفكير. وها هو يفعل ذلك الآن أيضًا ويداعب بفمه أطراف لحيته.

وبعد تفكير طويل قرر تأجيل البحث عن حل لهذه المشكلة؛ حيث كان سيده يجلس مرتبكًا من فرط الخجل الشديد.


5. ليت لنا صهرًا مثله


ها هو ذا سوق الأحذية، والمنزل الواقع عند الزاوية. أصبح القارئ على دراية كاملة بشخص صاحبه. تبدو البوابة الرئيسة متهالكة بعد سنوات طويلة من العمل؛ بها شروخ في بعض المواضع، ملطخة ببصمات الأيدي، تصدر صريرًا عاليًا وتتأوه عند كل مرة تفتح فيها أو تغلق. باختصار، إذا حاولنا تصنيف هذه البوابة المعمرة، فقد نضعها في فئة "قديم قدم التاريخ".

وبمجرد أن تخطو ثلاث أو أربع خطوات عبر البوابة، ستشعر على الفور بمهابة سجون مدينة بخارى الحصينة، وستجد نفسك تهرول مسرعًا حتى تصل إلى الضوء المتسرب في نهاية الممر المظلم، وعندما تتعثر وتسقط من أعلى، ستشعر وكأنك تتحرر وتنجو من ممر السجن المظلم هذا؛ فتجد نفسك أمام مجرى مائي كبير يتدفق عبر فناء حجري ضخم، وتتنهد بارتياح، وبعد أن أصبحت حرًا، أول شيء يسترعي اهتمامك حينها ذاك المنزل الجميل ذو الشرفة الأرضية المبنية على الجانب الشرقي من السياج، بواجهة مواجهة للغرب. وعلى الرغم من أنه لا يستحق أن تتباهى به اليوم، فإن المبنى كان بلا شك يعد في أوج ازدهاره مثالًا على الرقي والذوق المعماري البديع.

لا أثر لأي شخص في الفناء أو المباني المحيطة، وهو دليل على أن مساحات المعيشة الأولية هذه منفصلة عن المسكن الرئيس، وتستخدم غرفًا للضيوف. ترتص الغرف الصغيرة ذات الأقفال على أبوابها على طول الجدارين الغربي والشرقي. من السهل أن نستنتج أن الغرض منها هو تخزين البضائع، وهي دليل دامغ على أن المالك مكتفٍ وقادر ماديًا. أما الجزء الجنوبي من الفناء، فهو عبارة عن جدار خلفي للمحال التي تحجبها تمامًا أشجار الكرز الكثيفة.

والآن نحن نغادر الحوش الخارجي ونلتف حول المضيفة، حتى نصل إلى الحوش الداخلي أو كما يطلق عليه بشكاري. أما الممر الثاني الذي يقود إلى الداخل، فهو كسابقه معتم ومغلق من جوانبه جميعها. وإذا استدرنا يمينًا في نهاية الممر، فسنصل إلى الإسطبلات؛ وإذا اتخذنا اليسار، فسنصل إلى حوش كبير ضخم المساحة مثل الأول.

والجوانب الأربعة من الفناء محاطة بمبانٍ تخدم وظائف مختلفة. وجانبا المبنى الرئيس محاطان بأجنحة كبيرة تشكل مساحات معيشة منفصلة. والبلاط مزخرف بالألوان الأزرق والأخضر والأبيض جنبًا إلى جنب مع الألواح الخشبية المنحوتة التي تفوح منها رائحة زهرية تزين الشرفة الأمامية، وتدعمها أربعة أعمدة خشبية في الوسط، وعمودان على كل جانب.

وفي منتصف الشرفة ذات الأعمدة يجلس رجل على منصة مرتفعة في مواجهة الباب، يرتدي سترة مبطنة بالمخمل الأسود أمام شجرة صندل مغطاة بمفارش جدارية من الستان متعددة الألوان.