4. طقس مرغلان القاسي
أصبح طعام الفطور جاهزًا. جلس أتابك يخيم عليه الحزن فيما كان حسن علي يراقبه عبر استراق النظرات له بين حين وآخر. ساد الصمت لفترة وهما يشربان الشاي. أخيرًا، وجه حسن علي نظره إلى أتابك وقال بصوت خافت: "منذ مدة وأنا ألاحظ أنك تبدو حزينًا لسبب ما".
نظر أتابك إلى محاوره وأومأ برأسه موافقًا وقال: "لا أدري"، صمت هنيهة ثم واصل: "هل لاحظت ما أعانيه من يأس وحزن؟ حقيقة لا أدري، ربما يكون السبب هو الطقس في مرغلان، ربما الطقس هنا لا يناسبني".
أجابه حسن علي: "صحيح، هو كما قلت؛ طقس مرغلان مروع. تأرجح مزاجي أنا أيضًا صعودًا وهبوطًا خلال اليومين الماضيين. إذا لم نغادر مرغلان سريعًا، أعتقد أن خطبًا سيئًا سيحدث لي".
بعد أن قال ذلك، رمق حسن علي أتابك بنظرة ثاقبة وهو يفكر ما إذا كانت الافتراضات القائمة على أضغاث أحلام أتابك الليلة الماضية صادقة، فإن اقتراح الرحيل يجب أن يكون له وقع قوي على سيده ويكشف حقيقة الأمر. شعر أتابك أنه أمام طريق مسدود. ووجد صعوبة في الإجابة، ثم قال:
– سنغادر.
ثم فكر قليلًا وأردف: "في كل الأحوال لن نستطيع الاتفاق مع التجار على السعر؛ فقد عرضوا أسعارًا منخفضه للغاية ولهذا السبب، ربما يجب علينا البقاء لعدة أيام أخرى؛ في الحقيقة لا أعرف".
قرر حسن علي أن هذه المغامرة قد وصلت إلى نهايتها المنطقية، وعندما استمع إلى هذا الرد من سيده بالكاد أخفى ابتسامته. ثم ساد صمت طويل بين الرجلين. كان حسن علي في حيرة شديدة بين رغبته في مواصلة الحديث في الموضوع أو تركه. كان يعد نفسه مؤتمنًا موثوقًا به وخادمًا أمينًا، ويتعامل معه بصفته ابنًا له، ولذا قرر أخيرًا التحدث بصراحة مع سيده الشاب.
– ابني أتابك …
– تحدث عما يجيش بصدرك.
– أخبرني ماذا أعني بالنسبة لك؟
لم يفهم أتابك ما يرمي إليه حسن علي ونظر إليه بعيون متسائلة وقال مبتسمًا: "أنت؟ على الرغم من أنك لست أبي، فإنك الرجل الأكثر قربًا وإخلاصًا ووفاءً لي؛ تحبني بلا غرض حب الأب لابنه بكل تفانٍ. وبعبارة أخرى أنت أبي الروحي".
– "أحسنت يا بني. هذا تحديدًا هو الجواب الذي كنت أتمنى سماعه. والآن اسمح لي بصفتي عبدًا مخلصًا لك، أو كما قلت أنت بصفتي أباك الروحي أن أسألك: هل يتمنى الأب أي ضرر لابنه؟ أجبني يا سيدي؟"
أصابت أتابك الرعشة من وقع السؤال غير المتوقع ثم أجاب:
– على الرغم من أنني لا أفهم نواياك يا أبي، سأجيبك أنه حتى يومنا هذا كنتَ أبًا ليس لي فقط بل لكل عائلتي، وكنتَ دومًا تتمنى لنا الخير ولا شيء غيره".
واصل حسن علي وكأنه يصر على استكمال حديثه: "ربما كان الأمر على هذا النحو في الماضي، أما الآن، وخاصةً أنت …"
"خاصة أنا؟ وضح من فضلك"
"يبدو أن ثقتك بي قد نفدت، وأود أن أعرف ما الخطأ الذي ارتكبته بحقك؟".